صناعة النسيج في مصر والتجارة الإلكترونية.. الجزء الثاني
تم النشر بـ AHMED KORAIEM
هل تستطيع التجارة الإلكترونية أن تصبح نقطة تحوّل في صناعة النسيج التي تحمل علامة صنع في مصر؟
بقلم م. أميرة خضر
تحدثنا في المقال السابق عن تاريخ صناعة النسيج في مصر وعن المشاكل التي تواجه هذه الصناعة في وقتنا الحالي، رغم التاريخ الحافل. وتحدثنا عن حلقة الوصل المكسورة بين المستهلك، ومصمم الديكور، والمصنّع، وعدم قدرة كل جانب منهم الوصول إلى الآخر أو تفهّم متطلباته.
واليوم سأذهب بحديثي إليكم أعزائي القرّاء، عن الصعوبات التي لاحظتها فيما يتعلق بسوق صناعة النسيج المنزلية. وسواءً كانت هذه الصعوبات تتعلق بغلاء الأسعار، أو عدم توفر ما تبحثون عنه، أو محدودية الاختيار في الأسواق المحلية التقليدية، أو سواءً كان القلق من خوض تجربة التسوّق عبر الإنترنت فيما يتعلق بمنسوجات المنزل، فسأطرح ملاحظاتي عليه.
فقد جمعت في السنتين الأخيرتين ملاحظات عن هذه الصعوبات من خلال عملي مع المستهلك، والمصنّع، ومصمم الديكور، وكذلك من تعليقات أعضاء الجروب. والتي سأقوم بعرض تفاصيل تحدياتها في مقال اليوم وكذلك الحلول التي اكتشفتها من خلال المنصة الإلكترونية المختصّة بعرض منتجات النسيج المصري لمختلف الأذواق والطبقات، وهي نسيج مصر www.nasigmasr.com . وقد استطاعت نسيج مصر تقديم حلول مختلفة سنتحدث عنها اليوم، وكيف يمكن لصناعة النسيج أن تستفيد من التجارة الإلكترونية المتخصصة بوجه عام.
وأنا هنا أميل بالتأكيد لدعم فكرة التجارة الإلكترونية المتخصصة. وليس التجارة الإلكترونية في العموم فقط. وعلى الرغم من أن السوق المصري استطاع أن يجذب الشركات العالمية في التجارة الإلكترونية، مثل موقع أمازون وغيره، والتي ساهمت في زيادة ثقة المستهلك في التجارة الإلكترونية بوجه عام من خلال نشاطهم في مجال الملابس والأحذية وغيرها. إلا ان هذه المواقع تهدف إلى البيع فقط من خلال إرضاء العملاء بتوفير كل ما يحتاجونه. وبالتالي فإن رؤيتهم تفتقد إلى ما أتحدث عنه من وجود التخصص الذي بدونه يتشتت المتسوق في البحث من ناحية ولا تستفيد صناعة المنسوجات المنزلية من ناحية أخرى. فهذه المواقع لا يعنيها إذا كانت علامة صنع في مصر متواجدة على المنتجات من عدمه. ولا يعنيها أن تفيد المصنِّع بما يبحث عنه المستهلك ليحدث تطور ما.
وقد سجلت ملاحظاتي عن كيفية تقديم التجارة الإلكترونية الحلول المختلفة لصناعة النسيج المصرية:
- يعمل موقع التجارة الإلكترونية ككتالوج متخصص يضم ويعرض العديد من منتجات المصانع والعلامات التجارية المختلفة بشكل حيادي؛ ليظهر كل مُنتج بمعلوماته الكاملة، مثل المقاس، والخامة، والسعر، والصورة الواضحة والقابلة للتكبير . وبذلك يكون قد تغلب هذا الحل كليًا على مشاكل وأمور متعددة كان من الصعب استيعابها ، مثل معرفة بيانات المنتج بدقة وعدم القدرة على عرض كل ما هو متاح في الأسواق أو تضيق نطاق البحث والمقارنة، ومشاكل التنقل بين المعارض بشكل مستمر، وتصوير كل ما يعجب المستهلك على عجل وتدوين الملاحظات عن تفاصيله.
- لاحظت أيضًا أن وجود سلة افتراضية على موقع التجارة الإلكترونية المتخصص يتيح للمتسوق أن يضيف إليها قائمة واسعة من المنتجات التي تعجبه، ومن مختلف المصانع والعلامات التجارية؛ ليستطيع بهدوء وبدون ضغط الوقت و ساعات عمل المعارض المحددة أن يتخذ قراره حتى وإن امتد التصفح والتسوق إلى عدة جلسات. فهو في النهاية يقوم بعملية شراء دقيقة محسوبة التكاليف مصحوبة بفاتورة تفصيلية. وبذلك يكون المستهلك قد تخلّص من الحيرة وقام باختيار أصنافه بأفضل سعر وأقل مجهود. وقد كانت هذه من أكثر التحديات التي يواجهها المستهلك أثناء بحثه عن منسوجات المنزل، مثل الستائر، و سجاد، و القماش، و مفروشات السرير والفوط ومفروشات الحمام، وغيرها.
- لاحظت في عملية تأثيث البيوت الجديدة أو عملية بحث الشابات عن جهازهن من القماش و المنسوجات المنزلية، مثل الستائر، و سجاد، و الوبريات ومفارش السرير، أن العملية قد أصبحت طويلة، مرهقة، وصعبة بالإضافة طبعا أنها مكلفة بأكثر مما يتوقع المتسوق. ورأيت أن الجميع يحبذ أخذ رأي الأهل أو الأصدقاء، بالإضافة إلى شخص ذو خبرة، مثل مهندس الديكور. كذلك يحتاج المتسوق إلى سماع رأي من استعمل المنتج من قبل و معرفة تقييم المنتج أو المصنع. وقد أصبحت كل هذه العملية أكثر سهولة مع التجارة الإلكترونية. بالإضافة إلى انها تساهم في عملية ضبط الميزانية بشكل أسهل.
- وقامت التجارة الإلكترونية بتوفير ميزة تفتقدها محلات ومعارض النسيج التقليدية. وهذا في رأيي من أهم النقاط التي تدعم الصناعة - وهو ما يهمني تحديدًا في مقالي هذا - ودعونا نأخذ المنصة الإلكترونية نسيج مصر، كمثال؛ لأن الموقع قد نفّذ هذه الميزة بصورة جيدة، وهي القدرة على عرض عدد لا نهائي من المنتجات، وعرض جميع ألوان كل منتج ومصنع يمتلك منتجات عالية الجودة. بطريقة لا تحكمها مساحة المعرض أو رغبة التاجر في توجيه المستهلك لمنتج ما، مما يساعدنا في التخلص من محاولات بعض البائعين إقناعنا ببعض المنتجات دون غيرها دون إبداء سبب مقنع مستغلين قلة خبرتنا أو ثقتنا بهم. موقع نسيج مصر قام من تمكين المستهلك من الاختيار السهل بين هذه البدائل، وعمل فلتر للمنتجات بعدة أبعاد، كالمقاس و اللون، و الخامة، والتصميم، والسعر، والتوفر على الموقع. حتى وإن نفذت الكمية فإن المتسوق يستطيع أن يضعها في سلة الشراء لحين وصول إشعار بتوفرها.
- أصبح من الممكن أخيرًا، أن يقوم مهندس الديكور من مساعدة عملاؤه في الاختيار قبل عملية الشراء. أصبح للطرفين القدرة على مشاركة الأفكار بوضع تشكيلة أكبر أمامهم. هذه ميزة كبيرة أعلم أهميتها بالنسبة لي وللمهندسين زملائي، تحديدًا بعد أن كنا نقضي ليالي نحاول أن نوفق بين ما اضطر مهندس الديكور أو العميل إلى شراءه مما هو متاح في السوق وبين التصميم الأصلي أو ليوافق ذوق العميل. ذلك لأن في معظم الأحيان تصبح الأصناف سريعا غير متوفرة. الآن أصبح هناك كتالوج حي من المصنِّع يقدم من خلاله نسيج مصر ما هو متوفر للعميل الذي يقوم بفرش منزله الجديد، أو من تُجهز نفسها أو بنتها. هذا الكتالوج أصبح بين يدي الطرفين ليقرّب أفكارهم ويضع تصورات مبدأيه لتصميمات المهندس بالخامات والميزانية المحددة، ليستطيع المصمم أن يعمل في المنزل وفقًا لها و كذلك يستطيع العميل حساب تكلفة مبدئية لا تحيد عن الطريق.
- وعندما تأتي نقطة الثقة، فما تقوم التجارة الإلكترونية وموقع مثل نسيج مصر بتوفيره للمتسوقين من وضع تقييمهم على المنتج، يساعد المتسوق قبل قرار الشراء. كما يوفر الموقع سياسة استرجاع واستبدال واضحة يستطيع كل متسوق قراءتها وضمان استرجاع المنتج أو استبداله خلال 14 يومًا بعد تجربته. وهي الحلول العملية الجادة لمشكلة يفتعلها بعض البائعين والتجار، وذلك عند رفض استرجاع أو استبدال منسوجات المنزل في حالة عدم مناسبتها أو اختلاف مقاساتها. كما وفرت التجارة الإلكترونية ميزة تقليل المضايقات التي تحدث للسيدات اثناء تسوقهم في أسواق غير منضبطة - بطبيعة الحال – كن اضطررنا للذهاب إليها للحصول على عروض أنسب. موقع نسيج مصر صُمم ليستطيع الأشخاص داخل دائرة ثقة المتسوق مشاركته الرأي ومناقشة التكلفة بدون مغادرة المنزل. وفي النهاية يقوم الموقع بإيصال المنتجات إلى عنوان المنزل المراد التوصيل إليه؛ ليوفر مصاريف الشحن والنقل الإضافية.
- ولم تتوقف مميزات التجارة الإلكترونية على المستهلك، ولكنها استطاعت أن تحل مشكلات كثيرة تواجه المصانع. إذ تستطيع المصانع من خلال المنصة الإلكترونية نسيج مصر، أن تقوم بعرض جميع منتجاتها، وتُطلق منتجاتها الجديدة على المنصة، كما تقوم بعمل خصومات تصل إلى المستهلك مباشرةً، بالإضافة إلى قدرة أصحاب المصانع على معرفة المنتجات المطلوبة في السوق بناءً على تحليلات واضحة أمامهم. وبالتالي تتخلص المصانع من مشكلة كبيرة تواجهها في السوق التقليدية، وهي سيطرة واختيار المحلات والتجار على المنتجات التي سيتم عرضها في المحلات؛ وذلك بسبب المساحة المتوفرة لكل مصنع.
و كإجابة على عنوان مقالنا الرئيسي بشكل سريع: نعم، تستطيع التجارة الإلكترونية أن تكون نقطة تحول في صناعة النسيج المصرية.
يتبع