صناعة النسيج في مصر والتجارة الإلكترونية.. الجزء الأول

هل تستطيع التجارة الإلكترونية أن تصبح نقطة تحوّل في صناعة النسيج التي تحمل علامة صنع في مصر؟

 
بقلم م. أميرة خضر

المهندسة أميرة خضرمصممة ديكور وصاحبة شركة Decorista
حاصلة على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية وتصميم الديكور من ولاية كاليفورنيا.
نجحت في تصميم وتنفيذ أكثر من 140 مشروع وأصبحت رائدة في مجالها منذ عام 2010.
تعمل المهندسة أميرة على التطوير في التصميمات من خلال رؤيتها الفريدة في تصميم المشروعات السكنية والتجارية.
تتميز بقدرتها على استغلال المساحات بشكل مختلف ومميز وتهتم بالتفاصيل الخاصة لكل عميل وهدفها هو إنشاء مشروعات تتميز بالفخامة.
الجوائز:
- Luxury lifestyle awards 2022
- International property awards 2022
- Niche magazine award 2022

 

في بداية حديثنا، دعوني اصطحبكم في رحلة قصيرة عن تاريخ صناعة النسيج في مصر على مر العصور.  دعونا نبدأ بالعصر الفرعوني الذي كان للنسيج خلاله أهمية كبيرة تتمثل في صناعتهم للملابس، كلنا نتذكر كيف صوّرت السينما العالمية ملابس المصريين القدماء وألوان القماش المبهرة، كما استخدمت صناعة النسيج في عمل الحبال. وقد أشتهر  قماش الكتان بشكل خاص في هذا العصر. أما في العصر البطلمي، بدأ الاهتمام بالصوف بعد قماش الكتان، ثم ظهر الحرير الذي بدأ استخدامه على نطاق بسيط.

وبعد ذلك يأتي العصر الروماني، الذي ازدهر فيه الحرير ومنسوجاته. وذلك إلى أن صدر تحريم رسمي بتصنيعه. إلى أن وصلنا للعصر الإسلامي الذي شهد ازدهار النسيج وصناعته، للدرجة التي جعلت العرب بعد الفتوحات الإسلامية يتخلّوا عن ملابسهم المعتادة ويستبدلوها بقماش الكتان، كما تم صناعة كسوة الكعبة المشرّفة أيضًا في هذا العصر.

والآن، أعرف أنك تتوقع عزيزي القارئ أن أخبرك عن ازدهار صناعة النسيج في مصر بعد كل هذا التاريخ المبهر. ولكن للأسف، فبعد مراقبة طويلة لصناعة النسيج في مصر على مر السنين وتحديدًا المستخدمة لفرش المنازل، مثل الستائر، والقماش، و سجاد، و الوبريات كالفوط بمختلف الاستخدامات والمقاسات، ومفروشات الحمام والسرير من ملايات وأغطية وبطاطين وكوفرتات بالإضافة الى المراتب والمخدات والتي تُعد موضوع مقالنا؛ فلقد وجدت أن هذه الصناعة تواجه صعوبات لا تتوافق مع تاريخها والقدرات الخاصة بها.

 

وإذا كنت تتساءل عن قدرات وفرص هذه الصناعة، فتتمثل في: وجود سوق محلّي استهلاكي ضخم، و سوق عالمي يعرف قدرات القطن المصري والتصميمات الحديثة التي يقدمها الصنّاع، بالإضافة إلى الأسعار المنافسة التي يقدمها السوق المصري. إذًا أين تقع المشكلة؟ بعض المشاكل تتمثل في ضعف رأس المال، وسوء الإدارة، وتهالك القطاع العام، ولكن المُبشّر أن العمل جاري لحلها والاستعانة ببيوت خبرة عالمية للوصول لأفضل رؤية.

ولكن للأسف، فإن المشاكل لا تقف عند ما سبق ذكره، فأنا أيضا أرى أن ضعف التواصل المباشر بين المصنع، ومصمم الديكور، والمستهلك، واقتصار هذا التواصل على قنوات العرض والشراء التقليدية، أدى إلى عدم رضاء جميع الأطراف؛ إذ يشتكي المتسوقون من عدم توفر ما يحتاجون، ويشتكي مصممين الديكور أن المنتجات المتوفرة تُقيد إبداعهم، ويشتكي المصنِّع من ضعف القوة الشرائية وأنها لا تسمح له أن يتوسع، كما أن التصدير  يتطلب مستوى من الاستثمار أعلى من إمكانياته.

 

ودعوني أولًا أوضّح أنني لا ألوم الأسواق التقليدية، مثل تجار الجملة، والمعارض، والأسواق الشعبية، أو حتى المحلات الراقية. ولكن تحليلي لهذه المشكلات بعد سنوات طويلة من الخبرة في عملي، أن هذه الصناعة في مصر تفتقد حاليًا إلى وجود بوصلة بين المستهلك، ومصمم الديكور، والمصنّع، بوصلة مثل التجارة الإلكترونية. والتي فرضت نفسها وبقوة في هذه الصناعة سواء على السوق العالمي أو السوق المحلّي، وذلك في أسواق مختلفة، كتوزيع المواد الغذائية والملابس والأحذية وغيرها. كما ساهمت التجارة الإلكترونية في توفير الوقت، والجهد، والمال للمتسوق، بالإضافة إلى زيادة رأس المال والربح بالنسبة للمصنّع، وزيادة قدرته على الوصول للمستهلكين في كل العالم بمختلف الطبقات والأذواق.

 

وأنا هنا لا أتحدث عن التسويق بواسطة المواقع الإلكترونية التي يحتفظ بها كل مصنع كمجرد إضافة مطلوبة مع البريد الإليكتروني، والتي في الغالب لا يقوم بصيانتها أو تحديث بياناتها أو المنتجات الموجودة عليها لسنوات. وأيضا لا أتحدث عن أن يقوم كل مصنع منفرداً بإنشاء موقعاً قادراً على البيع بطريقة التجارة الإلكترونية أو الـ E-Commerce، والتي غالبًا لا تدر أي طلبات أو تأتي بأي عائد له؛ وأيضا لا أتحدث عن جروبات الواتساب آب و قنوات التليجرام سيئة السمعة من حيث طريقة عملها وطريقة إدارتها أو طريقة توصيل منتجاتها والتي توصل مفروشات السرير والفوط لأقرب محطة مترو أنفاق!

فحين نتحدث عن تطوير الصناعة لبلد مهمة كمصر فإننا لا نملك إلا أن نتحدث عن التجارة الأليكترونية المتخصصة فقط.

 

التجارة الإلكترونية أو المنصة الإلكترونية المتخصصة في منسوجات المنزل– وبعد دراسة من وجهة نظري – تبدو أنها ما يحتاجه السوق المصري حاليًا. فمن أجل الخروج من هذه الفترة الحرجة والاقتصاد الضاغط، وضبط إيقاع السوق، وامتصاص آراء المتسوقين، يجب أن يتواجد موقع إلكتروني متخصص يعمل كالكتالوج لتجميع منتجات صناعة منسوجات المنزل ذات الجودة والتي تحمل علامة صنع في مصر في منصة إلكترونية واحدة متخصصة، كالتي يوفرها موقع نسيج مصر www.nasigmasr.com . وسأخوض في تجربتهم معنا لاحقا.

 

ونسيج مصر هو منصة إلكترونية / موقع إلكتروني صُمم ليقوم بإيصال احتياجات وآراء المستهلك للمصنّعين بشكل صحيح ومدروس، وليساعد مهندسين الديكور على الخلق والإبداع وإضافة تصميماتهم، وليساعد المصنّعين على إنتاج المنتجات المطلوبة التي تضمن لهم البيع المباشر، كما يساعدهم في توفير وسائل الراحة التي يحتاجها المستهلك، كتسوّق الصناعات النسيجية من مكانه،  مثل أقمشة المنازل، و الستائر ، و مفارش السرير كالملايات والألحفة والكوفرتات والبطاطين، و الوبريات، و سجاد، والمراتب والمخدات عبر الإنترنت وإيصال هذه المنتجات إلى المنازل.

 

و كإجابة على عنوان مقالنا الرئيسي بشكل سريع: نعم، تستطيع التجارة الإلكترونية أن تكون نقطة تحول في صناعة النسيج المصرية.

يتبع.

 

References

https://www.academia.edu/42456980/%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%DB%8C%D8%AC_%D9%81%D9%8A_%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%B9%D8%A8%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%88%D8%B1

https://link.springer.com/referenceworkentry/10.1007/978-94-007-3934-5_9297-2?noAccess=true

https://www.sis.gov.eg/Story/115997/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%AC-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%A9?lang=ar